السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يصلني عبر البريد رسائل عديدة، يطلب منها أصحابها المرور على مدوناتهم ومواقعهم الإلكترونية وإبداء الرأي فيها، أو الرد هناك على مواضيع معينة .. وهذا من إحسان الظن من قبل الأحبة فيّ، فجزاهم الله خيرًا ..
ولا أخفيكم سرًا أن بعض هذه المدونات مميز، ويستحق أن ينتشر، بالرغم من كونه غير كذلك، والبعض الآخر بالرغم من انتشاره إلا أنه في نظري ضعيف المحتوى .. !
ولو رجعنا بالذاكرة إلى ما قبل سنتين أو أكثر حيث كانت تنتشر مواضيع الواجبات السريعة، التي لا فائدة منها في نظري إلا أن تزيد عدد التدوينات الموجودة لديك، وترضي فضول الآخرين عنّك، فنعرف أنك تحب الشوربة وتكره البطاطس !!، ونعرف عن 10 أسرار لا يعرفها أحد عنك، إلى سؤال عن أفضل عشرة أشياء تحبها في قطتك ..! وإن كانت هذه المرحلة في نظري طبيعية لينضج لدينا حس التدوين، ونبدأ بعدها في التمييز بين الغث والسمين، والمفيد والغير ذلك .. ولقد اندثرت مدونات كانت قائمة على هذا النوع من التدوين السهل … وظهرت لنا مدونات أخرى ذات توجهات مفيدة للقارئ ..
إذًا ما الذي يدعوني لكتابة مثل هذا الموضوع؟ نعيش حاليًا مسابقة (جائزة هديل العالمية للإعلام الجديد)، وأزمة صوّت لي، وصوّتوا لمدونة فلان أو فلانة .. ! ومع استعراضي لقائمة المدونات (مدونتي ليست من ضمن القائمة).. والتي فيها عتاولة المدونين، أخذت أتساءل، من يستحق فعلاً أن يكون في القائمة، فضلا على أن يكون فائزًا .. !
ولست بذلك أخطئ أو أحكم مسبقًا على نوعية المدونات المتنافسة، ولكني – كمثال – زرت إحدى المدونات التي كانت على القائمة .. فوجدت رسالة تقول وهي تخبرني عن عدد زوار المدونة (أنت المزعج رقم ..!) .. فوجود مثل هذه المدونة على القائمة تعني إمكانية فوزها .. ! فهل هذا ما نريده من التدوين ؟ أم ماذا؟
التدوين في نظري نوعين (تدوين سهل)، وهو ما نجده في العديد من المدونات، من حل لواجبات كما في السابق، إلى ذكر طرائف ونكت، ونقل لما في المنتديات والبريد، وذكر لمواقف شخصية لا فائدة منها للقارئ، ببساطة المدونة تكون كـ (محل ابوريالين)، تجد فيه الكتب، والأدوات المنزلية، والتجميل، والنظارات، وأدوات خياطة، وكل ما هب ودب .. ! ولا أتحدث هنا عن التنوع في الكتابة، ولكني اعني مدى فائدة المواضيع للكاتب نفسه وللقارئ كذلك.
وأعتقد أن هذا النوع من الكتابة يلقى رواجًا ويتابعه الكثيرون، غير أن الفائدة التي يخرج بها المرء من قراءة مواضيع كهذا، قد تكون قليلة إن لم تكن لا شيء.
ولست أملك حق الإعتراض على مثل هذه المدونات، فسوقها رائج، ولها متابعوها، والمهتمون بها، غير أني أجد نفسي لا أفضلها على النوع الثاني من التدوين.
في المقابل نجد ممكن أن نسميه (التدوين الجاد) ويدخل فيه المدونات الشخصية التي تهدف إلى تقديم خلاصة تجارب المدون وخبرته في الحياة، ويتم تقديم فيها أعمالاً أصلية، لها أهداف محددة، فتجد أنك تقرأ للكاتب وتستمتع وتستفيد بما يقدمه لك، وقد يغلب على المدونين في هذا المجال التقليل في الكتابة.
ويدخل في (التدوين الجاد) كذلك المدونات المتخصصة التي تختص بموضوع أو توجه معين، وتأخذ على عاتقها تقديم آخر الأخبار والتجارب وخلاصة المواضيع التي تتحدث عنه، مما يجعلها مزارًا لكل مهتم بهذا الموضوع والتوجه، وبالرغم من قلة زوار هذه المدونات الجادة (مقارنة بالتدوين السهل) إلا أنك تجد أنها في انتشار، ولها من يتحمس لها .. وبشدة! وتجد أنها تكون غالبًا على قائمة كثير من برامج متابعة الخلاصات (RSS).
ما أحب أن أراه في المستقبل هو أن تتوجه المدونات العربية نحو التخصص والجدية في الكتابة، وأن يحمل كتّاب المدونات على عاتقهم الرقي بما يطرح في مدوناتهم ..
ولنتذكر أن الأهم هو الكيف لا الكم.